الخدمة "المدنية" هو الاسم التجاري الذي اختارت المؤسسة الحاكمة اطلاقه على مشروع يختلف كلياً عن مشاريع مدنية يقوم بها المجتمع المدني. فيدور الحديث عن مشروع رسمي لخدمة الدولة، برعايتها واشرافها. اما اختيار عبارة "مدني" فجاء بهدف تسويقي بحت حيث يعتقد معدو هذا البرنامج ان هذا سيسهل على مئات الشباب من فئات معينة مثل العرب و"الحريديم" تقبل المشروع. الخدمة القومية- الوطنية (المدنية) ارتبطت في اسرائيل ومنذ السنوات الاولى لقيام الدولة بالخدمة العسكرية فكانت الوجه الاخر المكمل لها، فليس صدفة ان يقترح هذا المشروع على اوساط لم تخدم في الخدمة العسكرية. بناء مشروع واقامة سلطة للخدمة المدنية الان هو ايضاً تحضير للتغيرات التي بوشر عملياً بتنفيذها في الجيش بسبب التطور التكنولوجي والاعتماد اكثر على الاسلحة المتطورة واقل على الجنود.
الجهد المكثف الذي بذلته المؤسسة الحاكمة في السنوات الاخيرة بهدف اعداد خطط لفرض الخدمة المدنية واخراجها الى حيز التنفيذ لم يكن وليد الصدفة، بل بسبب التحولات التي يمر بها المجتمع الاسرائيلي في المجالات المختلفة، وخصوصاً السياسية والاقتصادية. فلهذا المشروع جوانب عديدة نوقش قسم منها جماهيرياً. في هذا المقال ساتركز بتناول جانبين اساسين للخدمة المدنية. الجانب الاول هو الطبقي اما الثاني فهو سياسي ومتعلق بسياسة الدولة تجاه الجماهير العربية في البلاد وتطوير اليات السيطرة والضبط ضدها